فيلم “لا أرض أخرى” يفوز بالأوسكار ويروي معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال

فيلم لا أرض أخرى يحصد الأوسكار
حقق الفيلم الوثائقي “No Other Land” (لا أرض أخرى) إنجازاً تاريخياً بفوزه بجائزة الأوسكار لعام 2024 عن فئة أفضل فيلم وثائقي طويل، متفوقاً على مجموعة من الأعمال القوية مثل “Porcelain War” و”Black Box Diaries” و”Sugarcane” و”Soundtrack to a Coup d’Etat”، في حفل أقيم مساء الأحد بتوقيت الولايات المتحدة.
هذا العمل الوثائقي المشترك، الذي جمع جهود صناع أفلام فلسطينيين وإسرائيليين، يسلط الضوء على نضال الفلسطينيين من أجل حماية منازلهم من الهدم في وجه الممارسات العسكرية الإسرائيلية. وقد استغرق إنتاج الفيلم أربع سنوات (2019 – 2023)، حيث وثّق الناشط الفلسطيني باسل عدرا بكاميرته تفاصيل الهجمات التي استهدفت بلدة “مسافر يطا” جنوب الضفة الغربية، والتي تعرضت لعمليات تدمير ممنهجة بهدف تحويلها إلى منطقة تدريب عسكري.
ورغم التحذيرات والمناشدات المتكررة التي وجهها عدرا من خلال لقطاته وشهاداته، بقي صوته معزولاً إلى أن التقى الصحفي الإسرائيلي يوفال أبراهام، الذي شاركه ذات الرغبة في نقل الحقيقة للعالم عبر هذا الفيلم الوثائقي.
وفي كلمته المؤثرة عقب تسلمه الجائزة، قال عدرا: “فيلم ’لا أرض أخرى‘ هو انعكاس صادق للمعاناة اليومية التي يعيشها الفلسطينيون تحت الاحتلال منذ عقود طويلة”، مضيفاً: “رزقت بابنتي قبل شهرين، وأتمنى ألا تواجه الخوف والدمار الذي أحياه اليوم، حيث المستوطنون والعنف وهدم المنازل والتهجير القسري”.
ودعا عدرا المجتمع الدولي إلى التحرك بجدية لوقف ما سماه “التطهير العرقي” الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن ما يجري في الضفة الغربية وغزة يستدعي وقفة إنسانية عاجلة.
من جانبه، أوضح يوفال أبراهام أن الدافع وراء مشاركته في إنجاز الفيلم كان الإيمان بقوة الصوت المشترك، وقال: “ما يحدث في غزة مأساة إنسانية يجب أن تنتهي، والرهائن الإسرائيليون المختطفون منذ أحداث السابع من أكتوبر يجب أن يُطلق سراحهم”. كما انتقد أبراهام السياسات الإسرائيلية، مؤكداً أن المستقبل لن يكون آمناً إلا إذا نال الفلسطينيون حقوقهم كاملة.
وتابع قائلاً: “ترتبط حريتنا ببعضها البعض… لن نحقق الأمان الكامل لشعبي ما لم يكن شعب باسل حراً وآمناً. هناك طريق آخر قائم على المساواة والعدل، ولا يزال أمامنا فرصة للحياة والكرامة”.
وعانى صناع الفيلم في البداية من صعوبة تأمين موزع لعرض العمل داخل الولايات المتحدة، مما دفعهم لتنظيم عرض محدود استمر أسبوعاً واحداً فقط في مركز لينكولن بنيويورك، لضمان تأهله للمنافسة ضمن جوائز الأوسكار.
ويضاف هذا التتويج العالمي إلى سجل الجوائز التي حصل عليها الفيلم خلال عام 2024، من بينها جائزة الجمهور وجائزة أفضل فيلم وثائقي بمهرجان برلين السينمائي الدولي، إلى جانب تتويجه بجائزة جمعية نقاد السينما في نيويورك كأفضل فيلم غير خيالي.
ويعتمد “لا أرض أخرى” بشكل رئيسي على لقطات وثّقها عدرا بكاميرته الشخصية، حيث رصد عمليات الهدم المستمرة، بما في ذلك تدمير المدرسة المحلية وسد الآبار بالمادة الإسمنتية لمنع إعادة إعمار المنطقة. كما يتناول الفيلم حادثة إطلاق النار على أحد السكان من قبل جندي إسرائيلي أثناء احتجاجه على هدم منزله، ما تسبب في إصابته بالشلل، فيما توثق الكاميرا معاناة والدته التي تعتني به داخل كهف بعد فقدان منزلهما.
ويذكر أن الضفة الغربية تضم أكثر من 500 ألف مستوطن إسرائيلي، يعيشون وسط نحو ثلاثة ملايين فلسطيني. ويحمل المستوطنون الجنسية الإسرائيلية ويتمتعون بحقوق مدنية كاملة، في حين يخضع الفلسطينيون لنظام الحكم العسكري الإسرائيلي، مع إدارة محدودة للسلطة الفلسطينية في بعض المناطق.
هذا الواقع المعقد دفع منظمات حقوقية دولية إلى وصف الوضع القائم بأنه “نظام فصل عنصري”، وهي الاتهامات التي ترفضها الحكومة الإسرائيلية، مؤكدة تمسكها باعتبار الضفة الغربية جزءاً من “التراث التاريخي والديني” للشعب اليهودي، ورافضة أي مساعٍ لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
إقرأ أيضا: افتتاح الخزانة السينمائية المغربية لتعزيز التراث السينمائي الوطني