اكتشاف علمي بالمغرب: تسوس الأسنان كان شائعا في العصر الجليدي

تسوس الأسنان يعود للعصر الجليدي
كشفت دراسة حديثة أجراها فريق دولي من الباحثين أن الصيادين وجامعي الثمار الذين عاشوا في نهاية العصر الجليدي في المغرب كانوا يعانون من تسوس الأسنان بسبب استهلاكهم المفرط للنباتات البرية الغنية بالكربوهيدرات القابلة للتخمير. هذا الاكتشاف الجديد، الذي نُشر في مجلة “Proceedings of the National Academy of Sciences”، يغير المفاهيم السابقة التي كانت تربط ظهور تسوس الأسنان فقط مع التحول إلى الزراعة واستقرار المجتمعات.
عادةً ما يرتبط تسوس الأسنان بالمجتمعات الزراعية الحديثة نظرًا لانتشار استهلاك الأطعمة السكرية، لكن الدراسة توضح أن هذه الظاهرة قديمة جدًا وتعود إلى نحو 15 ألف سنة. فقد أظهرت البحوث أن سكان مغارة “الحمام” في تافوغالت كانوا يعانون من نسب مرتفعة من تسوس الأسنان قبل ظهور الزراعة والإنتاج الغذائي.
وقام الباحثون، بالتعاون مع عبد الجليل بوزوكار، مدير المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، بدراسة بقايا النباتات الموجودة في الطبقات الأثرية للمغارة. وأظهرت النتائج أن هذه المجتمعات كانت تعتمد بشكل أساسي على نباتات برية مثل جوز البلّوط الأخضر والصنوبر، والتي كانت تُستهلك بعد تخزينها لفترات طويلة.
كما بيّنت الدراسة أن هذه الأطعمة، التي تحتوي على نسب عالية من الكربوهيدرات والدهون، كانت تُجهّز بطرق متعددة مثل الغلي أو الطحن لتحويلها إلى دقيق، ما يزيد من التصاقها بالأسنان ويعزز نمو البكتيريا المسببة للتسوس. وأظهرت تحاليل الأسنان في بقايا بشرية من الموقع أن أكثر من نصف الأسنان لدى البالغين كانت مصابة بالتسوس، وهي نسبة قريبة من معدلات التسوس في المجتمعات الحديثة التي تعتمد على أطعمة غنية بالسكريات المكررة.
إلى جانب ذلك، كشفت الدراسة وجود تلف كبير في الأسنان، يُرجح أنه ناجم عن استهلاك أطعمة خشنة وطحن النباتات باستخدام الرحى الحجرية. هذه النتائج تؤكد أن التحول إلى نظام غذائي غني بالكربوهيدرات القابلة للتخمير كان له أثر واضح على صحة الفم والأسنان قبل فترة طويلة من بدء الزراعة.
ويعد موقع تافوغالت من أبرز المواقع الأثرية في شمال إفريقيا، إذ ساهمت الاكتشافات هناك في فهم أساليب عيش المجتمعات ما قبل التاريخ. وتُبرز الدراسة أهمية المغرب كمركز رئيسي للأبحاث الأثرية والأنثروبولوجية، حيث توفر نتائجها رؤى قيمة حول تطور أنماط الحياة البشرية في العصور القديمة.
إقرأ أيضا: علماء يبتكرون مادة ثورية تجمع بين قوة الفولاذ وخفة الفوم