المجلس الاقتصادي والاجتماعي ينتقد مسودة المسطرة الجنائية ويدعو لإصلاحات جوهرية

انتقادات واسعة لمشروع المسطرة الجنائية
وجه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ملاحظات جوهرية حول التوجهات الواردة في مشروع المسطرة الجنائية، الذي يثير جدلاً واسعاً داخل مجلس النواب وبين الفاعلين في قطاع العدالة، داعياً إلى اعتماد السجل الاجتماعي الموحد لضمان الحق في التقاضي، والسماح للأفراد والمجتمع المدني بالتبليغ عن الجرائم.
وفي رأي قدمه بناءً على إحالة من مجلس النواب، انتقد المجلس غياب آليات لدعم الضحايا، سواء فيما يخص تكاليف العلاج والتأهيل، أو تعويض الخسائر المالية الناتجة عن الجريمة، مذكراً بأن عدداً من الدول، من قبيل فرنسا، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، تعتمد صناديق خاصة لتعويض المتضررين.
كما لفت المجلس إلى غياب تدابير خاصة بالنساء كمتهمات أو ضحايا أو شاهدات، لا سيما في ما يخص الحماية القضائية، أو آجال التقادم، أو سرية الجلسات، أو حتى ظروف الحراسة النظرية، مع التأكيد على ضرورة تعويضهن عن الأضرار التي لحقت بهن جراء الجريمة.
وانتقد المجلس أيضاً غياب حماية قانونية للأنشطة الاقتصادية ومناصب الشغل المرتبطة بالممتلكات المصادرة أو المحجوزة، رغم عدم علاقتها المباشرة بالجريمة، مشيراً إلى ضرورة إيجاد توازن يحفظ حقوق الأفراد المتأثرين بهذه الإجراءات دون أن يكونوا متهمين.
كما عبّر عن تحفظه تجاه الصيغة الجديدة للمادة 3، التي تربط فتح الأبحاث وتحريك الدعوى العمومية في قضايا المال العام بإحالة من إدارات وهيئات معينة فقط، معتبراً أن هذا الشرط يتعارض مع جوهر القانون الجنائي الذي يُجرم عدم التبليغ عن الجرائم.
وفي السياق ذاته، اعتبر المجلس أن فرض شرط “إذن التقاضي” على الجمعيات الراغبة في الانتصاب كطرف مدني، لا يتماشى مع الأدوار الدستورية المخولة للمجتمع المدني، خاصة مع تقييد ذلك بالحصول على صفة المنفعة العامة، ومرور أربع سنوات على تأسيس الجمعية قبل وقوع الجريمة.
وأشار التقرير إلى ضعف الإمكانيات البشرية والمادية لدى خلايا التكفل بالنساء والأطفال ومكاتب المساعدة الاجتماعية داخل المحاكم، داعياً إلى إشراك الجمعيات المتخصصة لسد هذه الثغرة.
وفي ما يتعلق بالمساعدة القضائية، دعا المجلس إلى الاعتماد على السجل الاجتماعي الموحد لتحديد المستحقين لها، وتمكين غير القادرين مالياً من إعفاءات تخص رسوم التقاضي وتنصيب المحامي.
كما أوصى بوضع إجراءات خاصة في قضايا النوع الاجتماعي، مثل العنف الأسري والاغتصاب والتحرش، بما يضمن للضحية مرافقة شخص تثق به أثناء تقديم الشكاية، واختيار المحقق حسب الجنس، وحماية هويتها من التداول الإعلامي، وضمان ولوجها إلى دعم نفسي واجتماعي وقانوني متكامل.
وختم المجلس رأيه بالدعوة إلى صياغة قانون جديد للمسطرة الجنائية يتماشى مع التطورات الاجتماعية والدستورية، وتسريع اعتماد قانون جنائي حديث، وتعزيز دور قاضي التحقيق لضمان عدالة فعالة وشاملة.
إقرأ أيضا: اتفاق تاريخي في جنيف لتعزيز الاستعداد لمواجهة الجوائح