تطبيق “ديبسيك” الصيني يثير ضجة في عالم الذكاء الاصطناعي ويهز الأسواق المالية

تطبيق ديبسيك يهز عالم الذكاء الاصطناعي
حققت الشركة الصينية الناشئة “ديبسيك” شهرة واسعة في الآونة الأخيرة بعد إطلاقها نموذجًا جديدًا لروبوت محادثة يتميز بالكفاءة والابتكار، ما أدى إلى إحداث تغييرات جذرية في قطاع الذكاء الاصطناعي العالمي. يقع مقر الشركة في مدينة هانغتشو، المعروفة بـ”وادي السيليكون الصيني”، حيث تمكنت “ديبسيك” من زعزعة موازين القوى في هذا المجال، مما انعكس سلبًا على الأسواق المالية، خاصة في قطاع التكنولوجيا.
روبوت المحادثة R1 يفرض معادلة جديدة
كشفت “ديبسيك” عن روبوت المحادثة R1، الذي يمثل تحديًا مباشرًا لعمالقة التكنولوجيا مثل OpenAI وGoogle، لكن بتكاليف تشغيل أقل بكثير. هذا الابتكار لم يؤثر فقط على المنافسة التقنية، بل تسبب أيضًا في خسائر ضخمة لبعض الشركات الكبرى، حيث شهدت أسهم “إنيفيديا”، الرائدة في تصنيع الرقائق المتطورة، تراجعًا حادًا بلغ 590 مليار دولار في يوم واحد، بعدما أعاد المستثمرون النظر في جدوى الاستثمارات الضخمة الموجهة إلى هذا القطاع.
مؤسس “ديبسيك” يتجاوز العقوبات الأمريكية
تأسست “ديبسيك” على يد المهندس والمستثمر الصيني ليانغ وينغفنغ، الذي يوصف بأنه “عبقري تقني”. بدأ ليانغ مسيرته في توظيف الذكاء الاصطناعي في القطاع المالي، قبل أن يوسع طموحاته ليشمل تطوير نماذج متقدمة في الذكاء الاصطناعي. ورغم العقوبات الأمريكية التي تهدف إلى الحد من وصول الصين إلى الرقائق المتطورة، نجح ليانغ في إيجاد بدائل مبتكرة مكّنته من تجاوز هذه القيود والاستمرار في تطوير تقنيات متقدمة.
“لحظة سبوتنيك” جديدة لوادي السيليكون
أثار النجاح السريع لشركة “ديبسيك” قلق الأوساط التقنية والسياسية في الولايات المتحدة، حيث وصف بعض الخبراء هذا التطور بأنه “لحظة سبوتنيك” جديدة، في إشارة إلى الصدمة التي أحدثها إطلاق الاتحاد السوفيتي للقمر الصناعي سبوتنيك في الخمسينيات. استجابةً لهذا التحدي، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن مشروع استثماري ضخم بقيمة 500 مليار دولار لدعم تطوير الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، في محاولة للحفاظ على التفوق التكنولوجي الأمريكي.
نموذج مفتوح المصدر يعتمد على آلية الدماغ البشري
وفقًا للخبير في علوم الحاسوب، محمد شريف دجبلي، فإن تفوق “ديبسيك” يعود إلى اعتمادها على نموذج مفتوح المصدر بتقنية (MoE)، التي تتيح استخدام جزء صغير فقط من الشبكة العصبية لكل مهمة محددة. وأوضح أن النموذج، الذي يضم حوالي 650 مليار معلمة، لا يستخدم سوى 35 مليارًا منها في وقت واحد، وهي آلية مستوحاة من طريقة عمل الدماغ البشري.
كما أشار إلى أن تكلفة تشغيل روبوت المحادثة الخاص بـ”ديبسيك” أقل بكثير مقارنة بمنافسيها مثل OpenAI، ما أدى إلى إعادة تقييم المستثمرين لوضع السوق. وأضاف: “لقد تغيرت قواعد اللعبة، وأصبح واضحًا أنه ليس من الضروري إنفاق مبالغ طائلة لإنشاء نموذج ذكاء اصطناعي قوي”.
الصين تعزز مكانتها رغم التحديات
رغم العقوبات الأمريكية، تمكنت الصين من ترسيخ نفسها كقوة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي. ويرى الخبراء أن النجاح الذي حققته “ديبسيك” ليس مجرد موجة عابرة، بل هو مؤشر على التحول الاستراتيجي في هذا المجال، حيث لم تعد هيمنة الشركات الغربية أمرًا مسلمًا به.
واختتم دجبلي حديثه بالتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي لا يعتمد على “معجزة تقنية”، بل على الاستثمار المستمر والمهارات المتخصصة، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام هذا التحدي الصيني المتنامي.
إقرأ أيضا: سوني توقف إنتاج أقراص Blu-ray نهائيًا وتُركز على المستقبل الرقمي