الوزير والدبلوماسي السابق محمد بن عيسى في ذمة الله

محمد بن عيسى في ذمة الله عن 88 عامًا
فقدت الساحة السياسية والثقافية المغربية، ليلة الجمعة 28 فبراير 2025، أحد أبرز رموزها برحيل محمد بن عيسى، وزير الشؤون الخارجية الأسبق، عن عمر يناهز 88 عامًا، بعد معاناة مع المرض استدعت نقله إلى المستشفى العسكري بالرباط خلال الأيام الماضية.
وُلد الفقيد في 3 يناير 1937 بمدينة أصيلة، التي ارتبط اسمه بها نظرًا لدوره في تحويلها إلى منارة ثقافية عالمية، حيث أسس مهرجان أصيلة الثقافي الدولي، مجسّدًا رؤيته التي تجاوزت حدود العمل السياسي إلى آفاق الفكر والفن.
مسيرته الأكاديمية انطلقت من جامعة مينيسوتا، حيث حصل على إجازة في علوم الاتصال عام 1961، قبل أن ينال منحة من مؤسسة روكفلر لإجراء أبحاث بجامعة كولومبيا سنة 1964، ما شكل انطلاقة لمساره في الإعلام والدبلوماسية.
بدأ مشواره المهني كملحق إعلامي في بعثة المغرب لدى الأمم المتحدة بين عامي 1963 و1965، ثم التحق بدائرة الإعلام في المنظمة الأممية، مرورًا باللجنة الاقتصادية لإفريقيا في أديس أبابا، وصولًا إلى منظمة الأغذية والزراعة (FAO)، حيث شغل عدة مناصب، منها مستشار إقليمي في الإعلام ورئيس قسم الاتصال. وفي عام 1975، تولى منصب الأمين العام المساعد لمؤتمر الغذاء العالمي.
داخليًا، خاض غمار السياسة بانتخابه مستشارًا بالمجلس البلدي لأصيلة سنة 1976، ثم نائبًا برلمانيًا عام 1977، قبل أن يتولى رئاسة بلدية المدينة منذ 1983 لعدة ولايات. كما شغل منصب وزير الثقافة بين 1985 و1992، ثم سفيرًا للمغرب لدى الولايات المتحدة من 1993 إلى 1999، ليُعيّن لاحقًا وزيرًا للشؤون الخارجية والتعاون حتى 2007.
تميز أيضًا بإسهاماته الفكرية، إذ شارك مع الكاتب الطاهر بنجلون في تأليف كتاب “حبوب الجلد” سنة 1974، إلى جانب دراسات ومقالات تناولت قضايا التنمية والاتصال والبيئة في إفريقيا، ما عزز مكانته كصوت مؤثر في الحقل الفكري.
نظير عطائه المتنوع، حظي بتكريمات دولية، أبرزها جائزة الإنجاز في دبلوماسية حل الصراعات وحقوق الإنسان من مؤسسة “كميت بطرس بطرس غالي” في مصر عام 2022، وجائزة الشيخ زايد للكتاب عن شخصية العام الثقافية سنة 2008، إضافة إلى جائزة رجل السنة الثقافية من مؤسسة الفكر العربي عام 2003، إلى جانب أوسمة وجوائز أخرى من دول أوروبية.
برحيله، يفقد المغرب شخصية طبعت مسار الدبلوماسية والثقافة الوطنية، تاركًا إرثًا غنيًا سيظل حاضرًا في الذاكرة الجماعية.
إقرأ أيضا: إصلاح التقاعد.. وزيرة المالية تؤكد أهمية إيجاد حلول توافقية